سقوف المنازل المرسومة تراث لبناني من القرن التاسع عشر
يعكس الازدهار الذي خلفته تربية دود القز
<table width=380 border=0><tr><td align=middle></TD></TR></TABLE> |
بيروت: مارون حداد
احياء لذكرى المصور اللبناني الفنان ريكاردو الهبر، القت المعنية بشؤون التراث اللبناني كلير باجيه محاضرة في متحف روبير معوض بعنوان «سقوف المنازل المرسومة في القرن التاسع عشر»، وهو عنوان الكتاب المصور الذي اعده الهبر بالتعاون مع باجيه وزوجته ميرنا.
تقول باجيه لـ «الشرق الأوسط»: «ان هذا الكتاب ثمرة ست سنوات من الجهد المتواصل، فقد تجولنا في كل انحاء لبنان ودخلنا 134 منزلاً تراثياً. ولم يكن هذا الامر بالسهل في غياب افلام التصوير المناسبة، وسوء الاضاءة في تلك المنازل، واحياناً صعوبة الوصول الى بعضها مما كان يضطر ريكاردو الى ان يحمل زوجته الخفيفة الوزن على كتفيه لاداء المهمة المطلوبة».
وتضيف: «ان غياب ريكاردو المبكر ترك فراغاً كبيراً بين رفاقه وتلاميذه، كما ترك تحدياً امامهم لاكمال عمله كتراثي فضولي وشغوف، وهو يذكرنا دوماً بالكاتب الفرنسي بروسبير ميرينه الذي كان يهتم بالكنائس والكاتدرائيات التاريخية، والليدي كوكران التي انشأت جمعية «ابساد» التي تهتم بحماية التراث».
اما لماذا اختارت باجيه وريكاردو وزوجته منازل القرن التاسع عشر، فلأن هذه الفترة، كما تقول باجيه «كانت توازي العصر الذهبي لتربية دود القز (1861 ـ 1918)، التي ساهمت في بروز فئة بورجوازية ميسورة انكبت على تشييد منازل فخمة مزينة بالزخارف. اما الفئات الاجتماعية التي لم تكن التجارة سبيلاً لثرائها، فقد هاجرت الى افريقيا، والى الاميركيتين من دون ان تنسى ارض الوطن، فكانت ترسل الاموال الى العائلات، ومع تحقيق الثروة غالباً ما كان المهاجرون يعودون الى الوطن الام ليبنوا منازل جميلة في القرى شبيهة بالمنازل القائمة في المدن».
وبالتوازي مع تربية دود القز، تتابع باجيه قائلة: «لقد ساهم نظام المتصرفية الذي خضع له لبنان في انشاء مرفأ بيروت، وفي بناء سكة الحديد بين بيروت ودمشق وفي انشاء طرق الساحل والجبال. كل ذلك سهل ايضاً وصول الرسامين الاوروبيين والتنقل داخل البلاد».
وتشير باجيه الى ان هذه العناصر الثلاثة جعلت لبنان يتأثر بكل موجات الرسم، ويشكل انعكاساً لمدارس الموضة، فعرف علم الايقونات الجديد الذي ازدهر على أيدي الفنانين الاجانب. وحمل لبنان ايضاً تأثير الامبراطورية العثمانية، واوروبا، وبالاخص ايطاليا، كما تأثر المزخرفون اللبنانيون بزملائهم الاوروبيين حتى اجادوا المهنة وصاروا يعملون لحسابهم الخاص. واياً كانت جنسية الرسام كان يُعطى ليرة ذهبية يومياً، وكان ينام لدى صاحب المنزل الذي يؤمن له السكن والسرير.
وتلفت باجيه الى انه «لا يمكننا البقاء غير مبالين بتلك الرسوم النضرة والمبتكرة التي تتميز بفرادة التركيب سواء بالنسبة الى رسوم الملائكة، او الفن العربي، او السنونو. ويستعمل في هذه الرسوم الجص والستوكو، وخشب البامبو، والقماش والزنك والبغدادي. والتقنيات المستخدمة هي الرسم بالماء، وبالزيت، والخشب المنحوت والمحفور، وتتراوح الرسوم بين الفصول الاربعة، والملائكة، والعصافير، خصوصاً الهدهد، والبجع والحمام، والاسود، والرسوم المصرية والرومانسية، والسفن، ومراكب البخار، والبراكين».
وتورد باجيه بعض اسماء الرسامين اللبنانيين الذين اشتهروا بالرسم على سقوف المنازل ومنهم نعمة الله ماضي، نجيب نعوم قيقانو، الكسندر صليبا، الياس فاعور. ومن الرسامين الاجانب الذين عملوا في لبنان باولو سلافيك، بينتو استرا وسواهما